في قلب المطابخ الشرقية، ما زالت الخضار المجففة تحتفظ بمكانة لا يمكن الاستغناء عنها، خاصة في فصول السنة التي تغيب فيها بعض المحاصيل الطازجة. ومن بين هذه الكنوز الغذائية التي طالما اعتمدت عليها الأسر في تخزين المؤونة، يبرز القرع الأخضر المجفف، ذلك النوع الذي تتفنن الجدات في تجهيزه ليصبح لاحقًا عنصرًا رئيسيًا في الأكلات المحببة، مثل المحاشي وغيرها من وصفات الخضار المحشوة الشهيرة.
من تقنيات الجدات إلى عبوات بلدنا
يُعد تجفيف الخضار أحد أقدم طرق الحفظ الطبيعية، حيث كانت النساء في الماضي، ومع اقتراب نهاية موسم الحصاد، يجتمعن لاختيار الثمار بعناية، يقمن بحفرها وتصفيفها في مساحات مشمسة جيدة التهوية، يحرصن خلالها على تجفيفها تدريجيًا حتى تفقد رطوبتها وتحتفظ بشكلها ورائحتها وخصائصها. وما كان يُعدّ نشاطًا منزليًا يوميًا أصبح اليوم يُحاكى في مصانع حديثة، لكن دون التخلي عن المبادئ الأساسية للتجفيف التقليدي.

وهنا يأتي قرع مجفف بلدنا ليُثبت أن الجودة لا تأتي من الصدفة، بل من العناية التي تبدأ منذ انتقاء الثمار. فقط الثمار الطازجة صغيرة الحجم، والمناسبة تمامًا للحشو، يتم اختيارها وفق معايير تشبه ما كانت تعتمد عليه سيدة المنزل في اختيارها من السوق: اللون، القوام، الحجم، وغياب أي عيوب ظاهرة. تُفرغ الثمار من الداخل بلطف، ثم تُجفف بالطريقة التقليدية على الشمس وهو ما يميزها، وتُعبأ في أكياس شفافة أنيقة ضمن عبوة كرتونية تحفظها من التكسير لتبقى بأمان وأناقة.
قرع مجفف بلدنا… بطابع موسمي ونكهة دائمة
رغم أن القرع الأخضر من الخضراوات الصيفية، فإن تجفيفه يمنح محبيه فرصة التلذذ بأطباقهم المفضلة في أي وقت من السنة. وبفضل قدرته العالية على امتصاص النكهات، يبقى قرع مجفف بلدنا مكوّنًا رائعًا للمحاشي. يتم غليه بالماء لثلاث دقائق لزوال اثار ملح التجفيف منها وحتى يستعيد ليونته، ثم يُغسل بعناية ليُحشى بعدها بخليط الأرز واللحم أو البرغل والخضار ويقدم القرع اليابس مع اكلة اليبرق المشهورة ليمتص نكهة حمض الحصرم ويكون من أطيب الوجبات
فوائد غذائية تبقى رغم التجفيف
رغم أن القرع المجفف يفقد جزءًا من محتواه المائي خلال عملية التجفيف، إلا أنه يحتفظ بجزء كبير من عناصره الغذائية المفيدة. فكل 100 غرام من قرع مجفف بلدنا تحتوي على طاقة تبلغ حوالي 70 سعرة حرارية فقط، ما يجعله خيارًا ممتازًا ضمن نظام غذائي متوازن. كما أن نسبة الدهون فيه تكاد لا تُذكر، حيث لا تتجاوز 1 غرام، منها 0 غرام دهون مشبعة، مما يجعله خفيفًا على المعدة وصحيًا في الوقت ذاته.
يتميّز اقرع مجفف بلدنا بمحتواه الجيد من الكربوهيدرات، والتي تصل إلى 10 غرامات، منها 7.5 غرامات سكريات طبيعية، مما يمنح الجسم طاقة معتدلة دون تحميله بالسكريات المصنعة. كما يحتوي على 5 غرامات من البروتين، وهو ما يعزز قيمته كمكوّن مشبع ومفيد في الوجبات النباتية أو الغنية بالخضار. أما نسبة الملح فهي منخفضة جدًا، لا تتعدى 0.05 غرام، ما يجعله مناسبًا لمتبعي الحميات منخفضة الصوديوم أو أولئك الذين يفضلون التحكم بمستوى الملوحة في أطباقهم بأنفسهم.
وهكذا، يظل قرع مجفف بلدنا خيارًا ذكيًا وأصيلًا لكل من يبحث عن النكهة الشرقية الأصيلة، والجودة التي لا تقبل المساومة، والحفاظ على طعامه موسميًا ولذيذًا طوال العام.